دولة المرابطين إحدى الدول الإسلامية التي نشأت في الفترة ما بين 448 - 541هـ، و1056 - 1147م في الجزء الشمالي الغربي من القارة الإفريقية. فقد اتحدت قبائل صنهاجة ولمتونة ومسوفة وجدالة البربرية في القرن الثالث الهجري، التاسع الميلادي. وكان من بين أهداف هذا الاتحاد العمل على تنظيم تجارة القوافل عبر الصحراء، فيما بين أقصى الشمال حيث منطقة والاتا، وأقصى الجنوب حيث كانت تقع مملكة غانا. ولم يُكْتَب لهذا الاتحاد عُمْرٌ طويل، فوهن ثم تلاشى. فانتهزت غانا تلك الفرصة فازدهرت، وتسلطت على بعض أجزاء الصحراء التي يؤمها تجار القوافل من البربر والعرب.
وعندما واجه زعماء هذه القبائل قوة غانا النامية أعادوا ثانية توحيد صفوفهم سنة 411هـ، 1020م، لصد هذا الخطر، يقودهم زعيمهم تارسينا الصنهاجي المسلم، الذي تشبع بروح الإصلاح والجهاد بعد حجته إلى مكة. خاض تارسينا معارك دامية ضد غانا، راح ضحيتها تارسينا نفسه سنة 413هـ، 1023م، وخلفه يحيى بن إبراهيم، شيخ جدالة وزوج ابنته ليكمل رسالته.
أخذ يحيى يبحث عمن يشاركه حمل أعباء الدعوة، فوقع اختياره على عبدالله بن ياسين الجزلي، الذي لجأ إلى رباط (وإلى هذا الرباط ترجع تسمية المرابطين) بعد فشله في الدعوة بين أهله الملثمين المنتشرين في الصحراء، فربى جماعة جهادية قوية على الفكر السني الصحيح. وقويت شوكته عندما كوّن أول نواة لدولة المرابطين التي اتسعت فيما بعد حتى الأندلس، وقضت على دولة غانا سياسيًا.
وتمكن المرابطون من فتح مدينة أودغست الصحراوية عام 447هـ، 1055م، وكومبي صالح عاصمة غانا عام 469هـ، 1076م وأقاموا عليها حاكمًا مسلمًا، وأضحى ملوك غانا من المسلمين منذ ذلك الوقت حتى عندما انفصلوا عن دولة المرابطين سنة 480هـ، 1087م، وأعلنوا تبعيتهم للخليفة العباسي في بغداد مباشرة.
قتل عبدالله بن ياسين في إحدى المعارك عام 451هـ، 1059م، وسار من بعده أبوبكر بن عمر الذي خلف يحيى بن عمر، وقد كان موفقًا في اختيار ابن عمه يوسف بن تاشفين ليكون ساعده القوي في تحقيق المبادئ التي انطلقت من رباط السنغال. وسرعان ما انتقل ابن تاشفين بالدولة من العهد الصحراوي إلى عهد الدولة الملتفة حول هدف الجهاد من أجل الإسلام. وقد كان بناء يوسف لمدينة مراكش والاستيلاء على مدينة فاس إيذانًا بهذا، واستجاب لنصرة المعتمد بن عباد ـ أحد حكام دول الطوائف بالأندلس ـ لدرء خطر ألفونسو السادس ملك قشتالة الأسباني على ملوك الطوائف المسلمين هناك. فاكتسحوا أسبانيا الجنوبية، وانتصروا على ألفونسو في موقعة الزلاقة.ونجحت هذه الدولة في مزج العناصر المغربية والزنجية والأندلسية، مما تكون عنه أسلوب حضاري جديد هو خلاصة التقاء هذه العناصر الثلاثة، وشلوا نفوذ إيطاليا البحري، وحالوا دون قيام حرب صليبية في المغرب مثلما حدث في المشرق. وأسهموا بدور كبير في نشر الإسلام بغربي إفريقيا.
سقوط دولة المرابطين. بدأت هذه الدولة تدخل في طور الأفول في عهد علي بن يوسف بن تاشفين، لأسباب أبرزها: 1- انصراف علي بن يوسف عن شؤون الحكم إلى الزهد السلبي، ووقع تحت تأثير بعض الفقهاء ممن لا يحسنون السياسة. 2- انصرف فقهاء دولته في عهده وعهد من خلفوه إلى تكفير الناس بحجج واهية، واتجهوا إلى جمع الثروات، وتركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. 3- لم يعد لهم جيش يعوّل عليه في صد هجمات الغزاة، بل استسلم أفراده إلى ملذاتهم، وبلغ فسادهم حد قطع الطريق على المسافرين. 4- قامت ضدهم الثورات في الأندلس أدت إلى طردهم منها، وعادت الأندلس إلى ما كانت عليه من فوضى. وقامت ضدهم ثورة في إفريقيا فاختلت أحوالهم. 5- قضت دولة الموحِّدين على البقية الباقية من دولتهم.