خير الدين بربروس
ولد في حدود 1472 بجزيرة ميديللي بعد أخيه عروج
اشتغل بالتجارة في مطلع شبابه ، إذ كان لديه سفينة يتاجر بها بين سلانيك Selanik و أغريبوز Ağriboz . وبعد نجاة أخيه أروج رئيس من أسر فرسان رودس لحق بأخيه أروج بتونس الذي كان قد سبقه إليها . وهناك اتفقا مع أميرها أبي عبد الله محمد بن الحسن الحفصي على أن يمنحهما ميناء حلق الوادي ليجعلا منه قاعدة لهما مقابل أن يدفعا له خمس الغنائم التي يحوزان عليــها .
شرع خير الدين في تنظيم غاراته على سواحل وسفن أسبانيا والبندقية وفرنسا والبابا وجنوة بالإضافة إلى تعرضه للسفن التجارية والحربية التابعة لكافة الدول الأوروبية التي لا تربطها معاهدة سلام مع الدولة العثمانية أو غيرها من الدول الإسلامية . فحاز من ذلك على غنائم هائلة ، وأثار الرعب في سائر بلدان الساحل الجنوبي للبحر المتوسط .
اشترك مع أخيه في محاولات فتح بجاية ، وفي الكثير من غزواتهما المظفرة . فكان بذلك مع أخيه واضع أسس بناء الجزائر العثمانية التي قدر لها أن تعمر 300 سنة .
صار خير الدين سلطانا على الجزائر بعد استشهاد أخيه أروج ، لكنه وجد نفسه في حاجة إلى دعم الدولة العثمانية ، فأقنع أعيان مدينة الجزائر بإرسال عريضة إلى السلطان سليم يعرضون فيها رغبتهم في ضم بلدهم إلى ممتلكات الدولة العثمانية ، فوافقوا على ذلك وأرسلوا وفدا إلى إسطنبول برئاسة حاجي حسين في أكتوبر 1519 .
أحسن السلطان سليم استقبال الوفد ، ثم أرسل فرمانا يعلن فيه قبوله لعرض أعيان الجزائر . وبعث إلى خير الدين بفرمان تعيينه بايلربايا على الجزائر . كما بعث إليه بالخلعة السلطانية ، والراية مع 2000 جندي من الإنكشارية ، وأذن له بأن يجمع ما يشاء من المتطوعين من الأناضول . وهكذا أصبحت الجزائر أيالة تابعة للدولة العثمانية ، وقرئت الخطبة منذئذ باسم السلطان العثماني سليم الأول .
تصدى خير الدين للحملة العسكرية على الجزائر التي قادها ملك صقلية هيكو دي مينكادا Hego de Mongada في سنة 1519 . كما تمكن من الاستيلاء على مدينة القل وبونة ( عنابـة ) وقسنطينة . لكنه اضطر إلى مغادرة الجزائر بعد الثورة التي قادها ابن القاضي بتحريض من سلطان تونس سـنة 1524. فلجأ إلى جيجل ، إلا أنه تمكن من استعادة الجزائر مرة أخــرى بعـد ثلاث سـنوات .
استطاع أن ينقذ 70.000 من المهاجرين الأندلسيين ، ونقلهم إلى الجزائر . فازدهرت مدينة الجزائر بفضل مهارة الأندلسيين الذين نقلوا إليها فنونهم وصناعاتهم ، وبفضل الغنائم التي كانت تجنيها من غزوات البحر .
تمكن من طرد الإسبان نهائيا من قلعة البينيون Penou Kalesi التي كانوا يحتلونها قبالة مدينة الجزائر ، وذلك سنة 1530 .
في سنة 1534 عينه السلطان سليمان القانوني قبطان داريا ، وبيلرباي على الجزائر. فقام بإصلاح دار بناء السفن في إسطنبول وأعد أسطولا كبيرا أغار بثمانين قطعة منه على روجيو، وسبيرلونكا ، وفودي (Reggio,Sperlonga,ve Fodi ) وغيرها من المدن الممتدة على طول الساحل الإيطالي الجنوبي . ثم استولى بعد ذلك على تونس بعد فرار سلطانها مولاي الحسن. لكن الإمبراطور الإسباني شرلكان تمكن من احتلال تونس ، وإعادة مولاي الحسن على العـــرش .
ي 1538 استولى بأمر من السلطان سليمان القانوني على 20 جزيرة من الجزر الواقعة على بحر إيجة Ege denizi ، وإلحاقها بالدولة العثمانية .
شعرت الممالك الأوربية برعب شديد من الغارات التي يشنها خير الدين على سواحلها وجزرها وسفنها ، فعقد شرلكان هدنة مع ملك فرنسا فرنسوا الأول ، وتنادت الممالك الأوربية لعقد تحالف صليبي كبير اشتركت فيه أسبانيا والبابا ، والبندقية ، والبرتغال . فأعدت حملة مكونة من 600 سفينة حربية ، وسفينة دعم ، وسلمت قيادتها إلى أندوريا دوريا Andrea Doria . فاستعد خير الدين لمواجهة التحالف الصليبي بأسطول مكون من 122 سفينة ، ثم اشتبك معه في معركة كبيرة في خليج بروزةPreveze ، انتهت بهزيمة ثقيلة للتحالف الصليبي ، واستيلاء خير الدين على 36 سفينـة ، و 2175 أسير . فكان من أهم نتائج هذه المعركة سيطرة العثمانيين على البحر المتوسط .
في 1541 قاد الإمبراطور شرلكان بنفسه حملة كبرى على الجزائر لكنها منيت بهزيمة منكرة ، فقد فيها الإسبان معظم قطع أسطولهم .
طلب الملك الفرنسي فرانسوا الأول من الدولة العثمانية التدخل إلى جانبها في حربها ضد أسبانيا ، فقاد خير الدين في 1543 أسطولا مكونا من 110 سفينة ، استولى به على مدينة نيس في أغسطس من السنة نفسها .
بعد حياة حافلة بالجهاد والغزو توفي خير الدين بربروس في تموز 1546 ، ودفن في تربته التي أعدها بنفسه في ساحل باشكتاش بإستانبول